الهوية العربية وانتماؤها إلى إسماعيل عليه السلام - سِفر قيس - سِفر قيس

الهوية العربية وانتماؤها إلى إسماعيل عليه السلام

الهوية العربية وانتماؤها إلى إسماعيل عليه السلام
تتناول هذه الدراسة الهوية العربية وانتماؤها إلى إسماعيل عليه السلام مؤكدة أن العرب جميعهم من نسل إسماعيل وأن لغتهم العربية امتداد لإرثه، تستند الدراسة إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية، وأقوال الصحابة والعلماء لتوضيح أن الانتماء لإسماعيل هو الأساس الحقيقي للهوية العربية ويمنح العرب أصالة في النسب واللغة والهوية الثقافية ويثبت اعتزازهم بين الأمم.

فهرس المحتويات

انتقل مباشرة إلى القسم المطلوب

0% مقروء
تُعد الهوية العربية وانتماؤها إلى إسماعيل عليه السلام قضية تاريخية وشرعية مهمة فهي ترتبط مباشرة بالنسب واللغة والدين فاللغة العربية والعرق العربي ليست مجرد سمات ثقافية بل امتداد طبيعي لإرث إسماعيل وذريته الذين شكلوا الجذور الأصيلة للعرب الأقحاح، تسعى هذه الدراسة لإثبات صلة العرب بإسماعيل عليه السلام بالاعتماد على نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال الصحابة والعلماء موضحة أن الانتماء إليه هو أساس الهوية العربية.

1. الأدلة من القرآن الكريم:

  • ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ﴾ [البقرة: 128]
تفسير ابن كثير: وقال عكرمة: (ربنا واجعلنا مسلمين لك) قال الله: قد فعلت. (ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) قال الله: قد فعلت. وقال السدي: (ومن ذريتنا أمة مسلمة لك) يعنيان العرب.

  • ﴿بلسان عربي مبين﴾
تفسير البغوي: قال ابن عباس: بلسان قريش ليفهموا ما فيه.
تفسير الطبري: وقوله: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) يقول: لتنذر قومك بلسان عربي مبين، يبين لمن سمعه أنه عربي، وبلسان العرب نـزل، والباء من قوله (بلسان) من صلة قوله: (نـزلَ)، وإنما ذكر تعالى ذكره أنه نـزل هذا القرآن بلسان عربي مبين في هذا الموضع، إعلاما منه مشركي قريش أنه أنـزله كذلك، لئلا يقولوا إنه نـزل بغير لساننا، فنحن إنما نعرض عنه ولا نسمعه، لأنا لا نفهمه، وإنما هذا تقريع لهم.
تفسير ابن كثير: أي: هذا القرآن الذي أنزلناه إليك [أنزلناه] بلسانك العربي الفصيح الكامل الشامل، ليكون بينا واضحا ظاهرا، قاطعا للعذر، مقيما للحجة، دليلا إلى المحجة.

  • قال الله تعالى مخاطبًا النبي ﷺ: ﴿فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون﴾
تفسير الطبري: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فإنما سهَّلنا قراءة هذا القرآن الذي أنـزلناه إليك يا محمد بلسانك، ليتذكر هؤلاء المشركون الذين أرسلناك إليهم بعبره وحُججه، ويتَّعظوا بعظاته، ويتفكَّروا في آياته إذا أنت تتلوه عليهم، فينيبوا إلى طاعة ربهم.

  • ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ﴾
تفسير البغوي: قوله تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) تعرفون نسبه وحسبه، قال السدي: من العرب، من بني إسماعيل.
تفسير الطبري: قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للعرب: (لقد جاءكم) أيها القوم، رسول الله إليكم = (من أنفسكم)، تعرفونه، لا من غيركم، فتتهموه على أنفسكم في النصيحة لكم.

  • ﴿إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ﴾
تفسير السعدي: {إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم} يعرفون نسبه، وحاله، ولسانه، من قومهم وقبيلتهم، ناصحا لهم، مشفقا عليهم، يتلو عليهم آيات الله، يعلمهم ألفاظها ومعانيها.

  • ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾
تفسير الطبري: يقول تعالى ذكره: وهكذا (أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ) يا محمد (قُرْآنًا عَرَبِيًّا) بلسان العرب، لأن الذين أرسلتك إليهم قوم عرب، فأوحينا إليك هذا القرآن بألسنتهم، ليفهموا ما فيه من حجج الله وذكره، لأنا لا نرسل رسولا إلا بلسان قومه، ليبين لهم (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى) وهي مكة (وَمَنْ حَوْلَهَا) يقول: ومن حول أم القرى من سائر الناس.

2- الأدلة النبوية والصحابية:

  • رواية ابن عباس في صحيح البخاري (3365) عن قصة هاجر وإسماعيل وإبراهيم عليهم السلام وتحدثهم مع جرهم ولم يُذكر بالرواية أن إسماعيل عليه السلام تعلم العربية من جرهم:
«...أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَكُونَ معكِ، أَوْ نَسْكُنَ معكِ، فَبَلَغَ ابنُهَا فَنَكَحَ فِيهِمُ امْرَأَةً، قالَ: ثُمَّ إنَّه بَدَا لِإِبْرَاهِيمَ، فَقالَ لأهْلِهِ: إنِّي مُطَّلِعٌ تَرِكَتِي، قالَ: فَجَاءَ فَسَلَّمَ، فَقالَ: أَيْنَ إسْمَاعِيلُ؟ فَقالتِ امْرَأَتُهُ: ذَهَبَ يَصِيدُ، قالَ: قُولِي له إذَا جَاءَ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ، قالَ: أَنْتِ ذَاكِ، فَاذْهَبِي إلى أَهْلِكِ...» صحيح البخاري 3365
تشير هذه الرواية إلى أن هاجر وإبراهيم عليهما السلام تحدثوا مع قبيلة جرهم باللغة العربية مما يدل على أن إسماعيل عليه السلام عربي أصيل العرق واللسان، ولا تتضمن الرواية ذكر تعلم إسماعيل العربية منهم.

  • «عن قتادة قال: سمعت أبا عثمان النهدي قال: أتانا كتابُ عمرَ ونحنُ بأذربيجانَ مع عُتبةَ بنِ فَرقدٍ: أمَّا بعدُ فاتَّزِروا وارتَدُوا وانتعِلوا وارموا بالخِفافِ واقطَعوا السَّراويلاتِ وعليكم بلباسِ أبيكم إسماعيلَ وإيَّاكم والتَّنعُّمَ وزيَّ العَجمِ وعليكم بالشَّمسِ فإنَّها حمَّامُ العرَبِ...» صحيح ابن حبان إسناده صحيح على شرط مسلم
هذا الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أثناء فتوحات أذربيجان يبرز حرصه على الحفاظ على الهوية العربية الأصيلة في مواجهة الشعوب الأخرى فحين قال: «وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل» جعل من الزي رمزًا للانتماء العربي وامتدادًا للنسب إلى إسماعيل عليه السلام ولم يكن المقصود مجرد اللباس بل التأكيد على التميز عن الأمم الأخرى والاعتزاز بالأصل والهوية الممتدة من إسماعيل أبي العرب بل هو في جوهره تأكيد على أن عروبة المسلمين تنبع من إرث إسماعيل وأن عليهم الاعتزاز به أمام الأمم والشعوب الأخرى.

  • «أصبحَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فدعا بلالًا فقالَ: يا بلالُ بمَ سبقتَني إلى الجنَّةِ؟ ما دخلتُ الجنَّةَ قطُّ إلَّا سَمِعْتُ خَشخشتَكَ أمامي، دخلتُ البارحةَ الجنَّةَ فسَمِعْتُ خَشخشتَكَ أمامي، فأتيتُ على قصرٍ مربَّعٍ مشرفٍ من ذَهَبٍ، فقلتُ: لمن هذا القصرُ؟ قالوا: لرجلٍ منَ العربِ، فقلتُ: أَنا عربيٌّ، لمن هذا القصرُ؟ قالوا لرجلٍ من قُرَيْشٍ، فقلتُ: أَنا قُرشيٌّ، لمن هذا القصرُ؟ قالوا: لرجلٍ من أمَّةِ محمَّدٍ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، قلتُ: أَنا محمَّدٌ لمن هذا القَصرُ؟ قالوا: لعُمرَ بنِ الخطَّابِ...» صحيح الترمذي
وهذا الحديث يوضح بجلاء أن النبي ﷺ وعمر بن الخطاب رضي الله عنه عرب أقحاح من قريش متوارثون النسب العربي الصافي ومؤكدًا أن العرب كلهم من نسل إسماعيل عليه السلام أبو العرب.

  • «...إذَا اخْتَلَفْتُمْ أنتُمْ وزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ في عَرَبِيَّةٍ مِن عَرَبِيَّةِ القُرْآنِ فَاكْتُبُوهَا بلِسَانِ قُرَيْشٍ، فإنَّ القُرْآنَ أُنْزِلَ بلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا.» صحيح البخاري
وهنا يظهر في سياق الحديث على أن القرآن الكريم نزل بلسان قريش وقريش من نسل إسماعيل عليه السلام وهذا دليل قاطع وواضح على أن إسماعيل عليه السلام عربي أصيل وأن اللغة العربية متجذرة في ذريته.

  • «سَمِعْتُ سَعْدًا، يقولُ: إنِّي لَأَوَّلُ العَرَبِ رَمَى بسَهْمٍ في سَبيلِ اللَّهِ...» صحيح البخاري
يدعم هذا الحديث القول إن العرب من نسل إسماعيل عليه السلام، إذ إن سعد بن أبي وقاص من قريش وقريش من إسماعيل عليه السلام كما يُفند ما يروجه بعض المشككين عن عدم عروبة إسماعيل وذريته فهو قول ضعيف وغير صحيح ويخالف نصوص القرآن وسنة رسول الله ﷺ.

3 - أقوال العلماء في نسبة العرب إلى إسماعيل عليه السلام

* محمد بن عبد الوهاب – مجدد الدعوة
"قريش من العرب، والعرب من إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهم أفضل الصلاة والسلام."
المصدر: ثلاثة الأصول وأدلتها – وشروط الصلاة – والقواعد الأربع، الطبعة العاشرة، ص20.
1A433220-B849-4D41-8870-D42D129C308AIMG_0475IMG_6488IMG_0398
* الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله
"{فبشرناه بغلام حليم}" وهي التي في سورة الصافات، فهذا إسماعيل أبو العرب، وليس في ذريته رسول إلا رسول واحد ولكنه خَتَم جميع الرسالات."
المصدر: شرح رياض الصالحين، المجلد الرابع، ص115 – ط. مدار الوطن للنشر، الرياض

* الشيخ عبد الله بن صالح الفوزان – حفظه الله
"وخصَّ بني إسماعيل بالذِّكر؛ لأنَّ إسماعيل هو أبو العرب، والعرب أشرف الناس نسبًا، وأما العجم فلهم آباء آخرون."
المصدر: منحة العلام في شرح بلوغ المرام، الجزء العاشر، ص400 – ط. دار ابن الجوزي

* ابن هشام – مع شرح الإمام السهيلي
"وإسماعيل عليه السلام نبي مرسل أرسله الله تعالى إلى أخواله من جرهم والعماليق الذين كانوا بأرض الحجاز، فآمن بعض وكفر بعض."
المصدر: الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام للإمام السهيلي، الطباعة الأولى، ص91

* ابن الجوزي
"ولد لإسماعيل اثنا عشر ولدا، مِنْهُم: نابت، وقيدر، ويقال قيذار الّذي نشر الله منه العرب، ويقال: بل العرب من نابت ومن قيدر. وسميت العرب العاربة لأن إسماعيل نشأ بعربة وَهِيَ من تهامة."
المصدر: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي، الجزء الأول، ص 304

* الحازمي (٥٨٤هـ) - تحقيق حمد الجاسر
"عربة باحة (العرب)، وباحة دار أبي الفصاحة إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام"،، "واقامت قُريش بعربة فنخت بها، وانتشر سائر العرب في جزيرتها فنسبوا كلهم إلى عربة، لأن أباهم إسماعيل بها نشأ وربل أولاده بها أي كثروا فلما لم تحتملهم البلاد انتشروا، وأقامت قُريش بها."
المصدر: كتاب الأماكن أو ما اتفق لفظه وافترق مسماه من الأمكنة للحازمي الجزء الثاني ص 665

* ابن هشام
"اصل العرب: قال ابن هشام: فالعرب كلها من ولد إسماعيل وقحطان، وبعض أهل اليمن يقول: قحطان من ولد إسماعيل، ويقول: إسماعيل أبو العرب كلها"
المصدر: السيرة النبوية لابن هشام الجزء الأول ص 22

الخلاصة:

  • إسماعيل عليه السلام هو أبو العرب جميعًا وهذا ما دلت عليه نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال الصحابة والعلماء.
  • القرآن نزل بلسان عربي مبين وهو لسان إسماعيل عليه السلام وذريته.
  • أقوال الصحابة (مثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه) أكدت الانتماء إلى إسماعيل والاعتزاز بعروبته.
  • اتفق عدد من كبار العلماء المذكورين على أن جميع العرب من نسل إسماعيل عليه السلام وأصالتهم العربية متجذرة فيه.

المصادر والمراجع

المراجع العلمية المستخدمة في هذه الدراسة

  1. القران الكريم

  2. السنة النبوية واقوال الصحابة

  3. صحيح البخاري 3365 ,6453 , 4984

  4. صحيح الترمذي 3689

  5. ثلاثة الأصول وأدلتها – وشروط الصلاة – والقواعد الأربع

  6. شرح رياض الصالحين

  7. منحة العلام في شرح بلوغ المرام

  8. الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام للإمام السهيلي

  9. المنتظم في تاريخ الملوك والامم

  10. كتاب الأماكن أو ما اتفق لفظه وافترق مسماه من الأمكنة الجزء الثاني.

  11. السيرة النبوية لابن هشام الجزء الاول

المداخلات العلمية (1)

ابوعتب
ادلة صحيحة متزنة لا قول بعد قول الله سبحانه ونبيه الكريم محمد ﷺ وصحابته رضي الله عنهم