مأساة غاليرا - سِفر قيس - سِفر قيس

مأساة غاليرا

مأساة غاليرا
تتناول هذه الدراسة مذبحة غاليرا عام 1570م، بوصفها من أكثر الحوادث مأساوية في تاريخ الموريسكيين، إذ حوصرت المدينة بعد أن لجأ إليها الآلاف من المسلمين الفارين من جبال الأندلس. ورغم مقاومتهم الشرسة، أمر الملك فيليب الثاني بتفجيرها وقتل سكانها وتسويتها بالأرض، في مشهد يجسد قسوة السياسة الإسبانية في طمس ما تبقّى من الهوية الإسلامية في الأندلس.

فهرس المحتويات

انتقل مباشرة إلى القسم المطلوب

0% مقروء

مأساة غاليرا

تقعُ غاليرا جنوبَ إسبانيا في مقاطعةِ غرناطة على تلٍّ طويلٍ يشبهُ شكلَ السفينةِ، وهذا ما منحَها مناعةً طبيعيّةً جعلتْها عصيّةً على الهجمات. وفي داخلِها حصنٌ قديمٌ متهالكُ الجدران، إلا أنَّ موقعَهُ المرتفعَ على الصخورِ عوّضَ ضعفَ أسواره. بعدَ مقتلِ محمدِ بنِ أميّةَ قائدِ ثورةِ البشراتِ وتولّي ابنِ عبو قيادةَ الثورةِ اجتمعَ في غاليرا آلافُ المسلمينَ الفارّينَ من الجبالِ التي كانوا يتحصّنونَ بها.

غاليرا
وفي هذهِ الأثناءِ، أقالَ الملكُ فيليبُ الثاني القائدَ العامَّ لمنطقةِ غرناطةَ ماركيزَ مونديخار، وعيّنَ مكانَهُ ماركيزَ دي لوس فيليز، الذي بدأَ فعليًّا حصارَ غاليرا، إلا أنَّ مقاومةَ الموريسكيينَ الشرسةَ وموقعَ المدينةِ الحصينَ أفشلا محاولاتِه في اقتحامِها رغمَ القصفِ العنيف. ومع توالي الإخفاقات، أُقيلَ هو الآخرُ، وعيَّنَ الملكُ مكانَهُ أخاهُ غيرَ الشقيقِ دون خوان النمساوي، الذي جاءَ بجيشٍ نظاميٍّ محترفٍ لتعزيزِ العملياتِ العسكريةِ ضدَّ الثوارِ.

دون خوان
وفي يناير عامَ 1570م، أمرَ الملكُ فيليبُ الثاني بشنِّ حملةٍ واسعةٍ على معاقلِ الموريسكيينَ، فقادَ دون خوان النمساوي بنفسِهِ حصارَ غاليرا، ورغمَ القصفِ الكثيفِ بالمدفعيةِ وتكرارِ الهجماتِ ظلَّ المسلمونَ صامدينَ في انتظارِ النجدةِ من الخارجِ.

أصدرَ القائدُ الإسبانيُّ أمرًا بتفجيرِ أجزاءٍ من القريةِ باستخدامِ كمياتٍ ضخمةٍ من البارودِ، فحفَرَ الجنودُ الأنفاقَ تحتَ الأرضِ ووضعوا فيها الشحناتِ المتفجّرةَ، حتى صارَ الخرابُ يزحفُ تحتَ الأرضِ.

وفي السابعِ من فبراير عامَ 1570م، وقعَ الانفجارُ، واندفعَ الجنودُ الإسبانُ يقتلونَ ويحرقونَ وينهبونَ بلا رحمةٍ. تحوّلتْ غاليرا إلى أطلالٍ بعدَ أن ارتكبَ الإسبانُ مذبحةً مروّعةً راحَ ضحيّتَها أكثرُ من ألفي موريسكي، ودُمّرتِ القريةُ عن آخرِها بعدَ نهبِها بالكاملِ كما لو أنَّها لمْ تكنْ يومًا عامرةً بالحياةِ.

وبأمرٍ من الملكِ فيليبَ الثاني، سُوّيتْ غاليرا بالأرضِ ونُثرَ الملحُ على أنقاضِها في إشارةٍ رمزيّةٍ إلى أنَّها أرضٌ ميّتةٌ، ولمنعِ الأهالي من العودةِ إلى الزراعةِ أو البناءِ فيها.

وقد كشفتْ هذه الحادثةُ قسوةَ السياسةِ الإسبانيةِ في القضاءِ على أيِّ مظهرٍ من مظاهرِ الهويةِ الإسلاميةِ في الأندلسِ.

المصادر والمراجع

المراجع العلمية المستخدمة في هذه الدراسة

  1. History of the Reign of Philip the Second

    الرابط الإلكتروني

المداخلات العلمية (0)

لا توجد مداخلات بعد. كن أول من يضيف مداخلة!