الغزو الفكري والسلاح الأيديوليجي - سِفر قيس - سِفر قيس

الغزو الفكري والسلاح الأيديوليجي

الغزو الفكري والسلاح الأيديوليجي

فهرس المحتويات

انتقل مباشرة إلى القسم المطلوب

0% مقروء

الغزو الفكري والسلاح الأيديوليجي


خلف دخان المدافع ولهيب النيران توجد معارك لا يموت فيها إنسان، ولكن تموت فيها قيمته وهويته ورمز أصالته، تلك هي المعارك الفكرية. وبالرغم من أنها لا تزهق الأرواح إلا أنها تزهق حافز الكفاح وتجعل الإنس كالأشباح.

كل جندي في كل جبهة عسكرية يمتلك دافعًا فكريًا وإيديولوجيًا يؤازره في القتال، وكل ثائر في كل بلادٍ مُحتلة يمتلك هوية وعقيدة فكرية تدفعه للمقاومة وقتال الاستعمار.

استوعب أباطرة الاستعمار كالفرنسيين والبريطانيين أن المعارك العسكرية في البلاد المستعمرة لم تكن كافية للمحافظة على تلك البلاد التي بدأوا يخسرونها واحدة تلو الأخرى، فلجأوا إلى تكثيف الغزوات الفكرية والإيديولوجية للقضاء على مقاومة الشباب الطامح، التي كانت أرواح أجدادهم تناديهم للقتال عبر معمارهم الخالد ولباسهم المتوارث وقصصهم المتناقلة وأشعارهم القومية. فالهوية التي لم تُقتل بعد ظلت تدفع الشعب للقتال والمكافحة وإلحاق الضرر بالمستعمر حتى بعد أن قُتلت دولهم.

وبعد تلك الثورات المتراكمة والتوترات المتصاعدة، أيقنت القوى العظمى الأوروبية أن نجاح الغزو العسكري لا يتم إلا بنجاح الغزو الفكري. ولهذا تسلحت تلك القوى الغربية بالأسلحة الإيديولوجية لطمس ثقافات الشعوب المعادية.

ومع تسارع صراع التسلح العسكري قٌبيل الحرب العالمية الثانية، تسلح هتلر بالسلاح الفكري، فزرع الثقافة النازية والروح القومية داخل قلب كل مواطن ألماني، مستخدمًا كل الوسائل المتاحة سواء من الفن البصري والسمعي وغيرها من الوسائل التي وظفها هتلر لإكمال بناء الجدار الثقافي. فقد كان هتلر يتخوف كثيرًا من أن يتأثر شعبه بثقافات الشعوب المجاورة، لدرجة أنه أمر بالتخلص من أكثر من 16 ألف رسمة فقط لأنها كانت لا تمثل الثقافة الألمانية النازية، ولأن هتلر خشي أن تؤثر تلك الرسومات ولو تأثيرًا طفيفًا على نظرة الشعب تجاه أعدائه.

ونتجت عن أفعال هتلر ولاء الشعب الخالص الذي كرس كل جهده في إشادة الرايخ الثالث، الذي تحول في أقل من عشر سنوات من دولة منهكة بآثار الحرب العالمية الأولى ومعاهدة فرساي إلى قوة صناعية وعسكرية صاعدة في أوروبا آنذاك.

التاريخ عبرة وعظة وحكمة، والواجب علينا أن نتعظ منه وننتفع. لذا يجب على كل ابن أن يشيد مجد أبيه، وعلى كل أب أن يزرع الثقافة في قلب ابنه، حتى نشيد معًا صرحًا مجيدًا وتاريخًا مشيدًا.

المصادر والمراجع

المراجع العلمية المستخدمة في هذه الدراسة

  1. (مركز أبحاث "الفن المنحط") - جامعة هامبورغ

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!