الدولة العميقة وفجوة النظام الديموقراطي - سِفر قيس - سِفر قيس

الدولة العميقة وفجوة النظام الديموقراطي

الدولة العميقة وفجوة النظام الديموقراطي

فهرس المحتويات

انتقل مباشرة إلى القسم المطلوب

0% مقروء

الدولة العميقة وفجوة نظام الديموقراطية


في أعماق الدول المدنية المعاصرة، تتشكل تشكيلات متسترة تؤثر بشكل حاسم على مسار الحكم وقرارات الحاكم. هذه الكيانات، التي تُعرف بالدول العميقة، تُعد أكثر الظواهر السياسية إثارة للجدل والتعقيد. فهي من ناحية ضرورة للحفاظ على النظام الديمقراطي، ومن ناحية أخرى تشكل تهديداً صريحاً لمبادئه الأساسية.

تتكون الدولة العميقة من شبكات غير رسمية من النخب الاجتماعية والاقتصادية والتشريعية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه سياسات الدولة من اجل مصالحهم الخاصة. وبالرغم أن هذه الشبكات تعمل في كثير من الأحيان لخدمة مصالحها الخاصة، إلا أنها تمتلك دوراً حاسماً في تشكيل النظام المدني. 

ففي النظام الديمقراطي، لا تكتمل آليات الحكم بمجرد انتخاب الحاكم، بل تتطلب وجود هيئات تشريعية وقضائية تقلص سلطته وتحمي النظام من الاستبداد. هذه الهيئات، بالرغم عن كونها مؤسسات دستورية علنية، إلا انها غالباً تتحول إلى نواة للدولة العميقة عندما يشكل أعضاؤها تحالفات سرية لتحقيق أهداف شخصية و فئوية.

عميقة تنشأ عن خلال تحالفات غير معلنة بين أصحاب النفوذ في المؤسسات التشريعية . هؤلاء الأفراد، بفضل مناصبهم وعلاقاتهم، يستطيعون توجيه القرارات الحكومية لخدمة مصالح النخبة على حساب المصلحة العامة من اجل تحقيق مصلحة خاصة.

ولكن الواقع المؤسف يكمن في أن الدولة العميقة رغم طبيعتها الاستغلالية، تُعد جزءاً لا يتجزأ من النظام الديمقراطي. فبدون هذه الشبكات من النخب التي تشارك الحاكم السلطة وتقلص نفوذه، سيتحول النظام إلى استبداد فردي مطلق.

فالهيئات التشريعية، حتى عندما تتحول إلى دولة عميقة، تبقى ضرورية لمنع الحاكم من التفرد بالسلطة. فهي تلعب دوراً أساسي في الحفاظ على النظام المدني وحماية المدنية من جشع الحكام. ، ولذا القضاء على الدولة العميقة يعني القضاء على الديموقراطية.

المؤسسات التشريعية كالبرلمان ، رغم دورها في منع الاستبداد الفردي، إلا انها تشكل استبداداً جماعياً لا يقل خطورة. فهي تتحول في كثير من الأحيان إلى شبكة فساد ومحسوبية تخدم مصالح فئة صغيرة على حساب الأغلبية.

هذه المعضلة تضع المجتمعات الديمقراطية أمام خيارين إما الخضوع لسلطة النخبة الجتمع وإما الخضوع لاستبداد الحاكم المطلق. وكلا الخيارين ينجردان دولة الشعب من شعبويتها وديموقراطيتها وها هي اكبر فجوة في النظام الديموقراطي.

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!