عمرو بن الحارث الأكبر
يقال وكما ورد في كتاب وصايا الملوك لدعبل الخزاعي ان عمرو بن الحارث الأكبر ملك ما ملك أبوه من أرض الشام وقبائل العرب وإنه رسم لنفسه في كل ليلة جارية بكراً، لا بد له منها من السبايا التي تصيبها خيله وسراياه المغيرة في البلاد على العصاة من أهلها.
ولم تزل تلك حاله حتى وقعت في السبي أخت عمرو بن الصعق العدواني، قال: فلم يشعر عمرو بن الحارث وقد أمر أن يؤتى بها إلا وبقناة (رُمح) تقرع اللهج فأشرف, (اللهج وهو التكرار على وتيرة واحدة في تزيين النوافذ وهو ماترونه في الصورة المرفقة)
يكمل-تقرع اللهج فأشرف, فإذا هو بفارس يقول:
يا أَيُّها المَلِكُ المهِيبُ أما ترى
ليلاً وصُبحاً فِيكَ يختلِفانِ
هل تستطيعُ الشَّمسُ أن تأتي بِهَا
مشياً وهلْ لَكَ في الصَّباحِ يَدانِ
اعلمْ وأيقِنْ أنَّ مُلككَ زائِلٌ
واعلمْ بأنَّ كما تدِينُ تُدانُ
فناداه عمرو بن الحارث، وقال له: قد أمنك الله فيمن لك عندي، وأمن كافة الناس فيمن وقع لهم إلي من السبايا، ثم أمر ألا تبقى سبية سبيت إلا كسيت وردت، وحملت إلى أهلها ورد إليها من كان في الأسرى من أهلها، وأن يرد عليها ما أخذ لها واغتنم من مالها. وآلى يميناً من أوكد ما كانت تحلف به الملوك أنه لا يعود فيما كان يفعله أبداً
ففي ذلك يقول عمرو بن الصعق العدواني بعد استجابة عمرو بن الحارث له:
أتيتُ ابن هندٍ طارقاً بعدَ رقبةٍ
مخافَةَ ما تصتكُّ مِنهُ المسامعُ
قرعتُ برُمحِي لهجه فوعظتُهُ
وضاقَتْ بأحشائِي وقلبِيْ الأضالِعُ
فأمَّننِيْ ممَّا خشيتُ ولم تزلْ
بهِ تنجلِي عنَّا الأمُورُ الرَّوائعُ
وأَطلقَ لي عُونَاً وعذراً كأنَّها
قد أقبلتْ تمشِيْ الظِّباءُ الرَّواتِعُ
فِداءَ لهُ عدوانُ طُرَّاً وغيرُها
ألا ونأَى عَنهُ الرَّدى والفجائِعُ
هوَ المَلِكُ البَرُّ السَّميذعُ والَّذي
نَمَتهُ المُلوكُ الأكرمُونَ السَّماذِعُ
لهُمْ أوَّلُ الدُّنيا وحادِثُها لهُمْ
وآخِرُهَا فيهِمْ معَ المُلكِ رَاجِعُ
الشاعر قال، والملك رجع، والتاريخ سجّل. وهي من الحالات النادرة التي لا تحتاج إلى تأويل ولا إسهاب، بل إلى حفظها كما وردت، لأنها تحمل معناها في نفسها، وتُغني عن التعليق, والله أعلم.
المداخلات العلمية (0)
انضم للمداخلات العلمية
سجل دخولك لتشارك وتضيف مداخلتك الأكاديمية على هذه الدراسة.
تسجيل الدخول للمشاركةلا توجد مداخلات بعد. كن أول من يضيف مداخلة!